يعرض الكاتب صالح سالم في تقريره ملامح المشهد السياسي الذي يربط القاهرة بدمشق بعد عام على سقوط نظام بشار الأسد، موضحًا كيف تدين مصر الهجمات الإسرائيلية على سوريا، بينما تظهر في الوقت نفسه حذرًا واضحًا من السلطة السورية الجديدة.
يوضّح التقرير الذي نشره العربي الجديد أن القاهرة تواصل إدانتها للغارات الإسرائيلية المتكررة التي تستهدف الأراضي السورية، إذ حذّر وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي خلال لقائه نظيره السوري أسعد الشيباني في الدوحة من أي محاولة تمسّ سيادة سوريا أو وحدة أراضيها.
هوّة سياسية وآراء متصادمة
يشير التحليل إلى أن العلاقات بين البلدين ازدادت توترًا بعد سقوط الأسد في ديسمبر الماضي. القاهرة لم تُظهر حماسة تجاه السلطة الجديدة، واكتفت بوصفها في البداية بـ"الواقع القائم"، بينما اتجهت دول عربية أخرى لإقامة علاقات اقتصادية ودبلوماسية معها. ويصف محللون مصريون اللقاء الأخير بين وزيري الخارجية بأنه ليس مؤشراً على انفتاح، بل خطوة تؤكد ثبات السياسة المصرية الداعية لحماية مؤسسات الدولة في أي بلد، سواء في سوريا أو ليبيا أو السودان أو لبنان.
يكشف التقرير حالة من النفور المتبادل. الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع زار القاهرة في مارس للمشاركة في قمة طارئة بشأن غزة، لكنه حظي باستقبال بارد من رئيس الانقلاب المصري عبدالفتاح السيسي. وفي قمة الدوحة بعد ستة أشهر، حضر الشرع القاعة نفسها مع السيسي، لكن دون لقاء بينهما. ويبرز الشرع في خطاباته نبرة غير ودية تجاه مصر، مقللًا من نموذجها الاقتصادي، وواصفًا نجاح تركيا والخليج بأنه يفوق التجربة المصرية بكثير.
ويعيد خبراء مثل تيسير النجار التأكيد على اتساع الهوّة بين دمشق والقاهرة، مرجحين أن العلاقات لم تتقدم خطوة واحدة رغم مرور عام على التحول العاصف الذي شهدته سوريا.
توتر شعبي وتقاطعات اقتصادية
يمتد الجمود السياسي إلى منصات التواصل، حيث تنشط حملات متبادلة بين مصريين وسوريين؛ بعض الأصوات في مصر تدعو إلى طرد اللاجئين السوريين، بينما تدعو أصوات سورية إلى مقاطعة المنتجات المصرية. وعلى الرغم من هذا التشنج، يشير التقرير إلى أن مئات الآلاف من السوريين يعيشون في مدن مصرية منذ 2011، مندمجين في الحياة اليومية، ويواجهون التحديات نفسها التي يواجهها المصريون في الخدمات والتنقل.
اقتصاديًا، يعطي التقرير لمحة سريعة عن انتعاش جزئي في التجارة بين البلدين بعد رفع أغلب العقوبات الغربية عن سوريا. وتقدّر تجارة 2023 بحوالي 333 مليون دولار، فيما لا تتوفر بيانات محدّثة عن حجم التبادل الحالي.
حسابات إقليمية وهواجس أمنية
يصف التقرير المشهد السوري في عامه الأول بعد سقوط الأسد، وسط احتفالات رمزية في دمشق تقابلها تحديات سياسية واقتصادية صعبة. ويكشف محللون مصريون أن مصر تتعامل ببراغماتية واضحة مع السلطة السورية الجديدة، تراقب خطواتها دون اندفاع نحو تبنّيها.
ويشير الخبراء إلى أسباب جوهرية وراء الحذر المصري، أهمها الخلفية الجهادية للرئيس الشرع، الذي انتقل من القاعدة إلى داعش قبل وصوله إلى السلطة، الأمر الذي يجعل القاهرة تتعامل مع تجربته بحسابات دقيقة نظرًا لمخاطر هذا التيار على استقرار دول المنطقة.
ويضيف التقرير أن مصر تخشى تكرار السيناريو السوري داخل دول عربية أخرى، أو حتى داخل حدودها، خصوصًا مع وجود مصريين قاتلوا في سوريا ضمن جماعات مسلحة ويحتمل أن يشكّلوا تهديدًا أمنيًا إذا عادوا بمهارات قتالية متقدمة.
كما تراقب القاهرة عجز السلطات السورية الجديدة في بداياتها عن معالجة التوترات الاجتماعية، ما دفع مصر إلى الدعوة المتكررة لمسار شامل يضمن مشاركة جميع مكوّنات المجتمع السوري.
ويصرّح الشرع في 8 ديسمبر بأن علاقاته مع مصر "مقبولة بالكاد"، معربًا عن أمله بتحسنها. بينما يرى خبراء أن مستقبل هذه العلاقة مرهون بسلوك الحكومة السورية الجديدة وقدرتها على إظهار التزام عملي باستقرار المنطقة ورفض التطرف.
https://www.newarab.com/news/egypt-condemns-israeli-attacks-syria-yet-wary-damascus?amp

